تجويد التعليم العالي.. أميال معدودة؟ أم رحلة الألف ميل؟؟ -هبة شهال
|
تجويد التعليم العالي.. أميال معدودة؟ أم رحلة الألف ميل؟؟
هبة شهال
لاشك أن التعليم العالي آخذ بالتوسع الفكري، فالجامعات تخرج سنويًا العديد من الطلاب الذين يحصلون على فرصة التعلّم لاكتساب المعارف، وتوظيفها في سوق العمل، فهي تمنح الشهادة التي يستحقها الطالب بفضل جدارته في المستويات التالية: الإجازة، والماجستير، والدكتوراه، بمختلف الاختصاصات التعليميّة والجامعية التي توفرها الجامعات للطلاب.
ولا بد أن ندرك أن القضية الأهم هنا تكمن في إدراكنا لأهمية الالتحاق بالتعليم العالي وتطويره وتحديثه بشكل مستمر باعتباره مادة استهلاكية، اي الاهتمام بجوهر التعليم ومحتواه وطرائقه ودوره في تكوين العنصر البشري العلميّ والتكنولوجي الذي يساهم في تطوير المجتمع وتحديثه والنهوض به مستقبلًا ليكون في هذا الوضع كاستثمار، وذلك من خلال السياسة التي تتبعها المؤسسات التربوية وكادراتها التعليميّة التي تشكل العمود الفقري للعملية التعليميّة وعصبها الحيوي في المنظومة التعليميّة.
وبفضل التطور الحاصل، لم يعد دور التعليم العالي محصوراً ضمن دائرة ضيقة ومحدودة بل توسعت الى ابعد الحدود، فلم يعد يقتصر فقط على التدريس والتلقين للمناهج والعلوم، بل يعمل على تعليم اسلوب التفكير الناقد لدى الطلاب، وتنمية المهارات والإبداعات بما يتوافق مع الميول الفردية، ودعم البحوث العلمية التي تساهم في الارتقاء بالمجتمع ولمواجهة التحديات التي تعترض عملية التنمية. لذلك يلعب التعليم العالي بشكل عام دورا فاعلًا ورائدًا في تحديث التعليم وتطوير البحوث العلمية، لخدمة المجتمع ولتطوّره المستمر، كما يؤهل الطلاب للاتجاه نحو مجتمع المعرفة وسط التطورات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعالمية، الذي يساهم بتنوع التعليم العالي، وبتعدد الثقافات في المجتمع في نطاق من الحرية والديمقراطية الفكرية.
لاشك ان التطور التكنولوجي المتسارع يتطلب معرفة علمية ببعض الاختصصات الحديثة، ومنها: المعلوماتية الحديثة ،إدارة الجودة، تنمية المهارات، والتخطيط السليم، من قبل مؤسسات التعليم الجامعي لإعداد مخرجات تعليمية تتطابق مع مدخلات السوق وحاجاته.
من هنا نستنتج، أن ادخال التكنولوجيا الى التربية والتعليم ورقمنة المعلومات لها فوائد في توسيع الخيال البشري والابداع الفني في كافة المجالات، وهي تعمل على نشر العلم والمعرفة، وجعل التعلّم فعّالا عندما تقدم تسيهلات للخدمات التربوية، وعليه فإن الجودة في التعليم هي ان تكون عملية التعليم مثالية، وهي تطبيق الجودة التعليميّة بما يحسن ويطوير المناهج المتبعة في الجامعات و أن اعتماد التطبيقات التكنولوجية في التدريس وتحقيق أعلى المستويات الأكاديمية ينتج عنها تخريج طلاب على درجة من الكفاءة العلميّة، واجراء تقييم تربوي مستمر للمدخلات وللممارسات الأكاديمية وايضا للمخرجات التعليميّة لمعرفة مدى توافقها مع حاجات سوق العمل. فهناك العديد من الطرق والأساليب التعليميّة الحديثة والمتنوعة التي يمكن اعتمادها في التدريس من قبل الأساتذة الجامعيين الذين يتمتعون على درجة عالية من الكفاءة العلميّة والخبرة في التعاطي مع كل ماهو جديد إلكترونيًا، وهذا ما يبرر أهمية اعتماد نظام الجودة نظرا لأهميته الكبيرة بالنسبة للجامعات وللطلاب والمجتمع.
وفي هذا الإطار لابدّ من القول، إن توفير المناخ والجو التربوي الحديث والفعال يدفع الى اثارة اهتمام الطلاب وتشجيعهم في عملية اكتساب المعارف باسلوب نشط ومرن خارج الاطار التقليدي ذي الطابع التلقيني بفضل وسائل وأدوات التّكنولوجيا التعليميّة الحديثة. وإن إحداث التطورات والنقلات النوعية في اساليب التعليم والتعلم يكمن بتسهيل تحقيق الأهداف التربوية للمعلميّن والمتعلميّن، وبتطبيق نظام الكفاءة العلميّة والجودة التعليميّتين داخل الحرم الجامعي. لذلك فان تطور التعليم وجودته منوط بتطوير الأهداف التربوية، حيث تعرّف الأهداف في العملية التعليميّة بانّها “الغاية التي يراد تحقيقها من خلال العملية التعليميّة، وعند علماء النفس السلوكيين تعرف على أنّها عبارة عن تغيّرات سلوكية محددة قابلة للملاحظة والقياس ،يتوقع حدوثها في شخصية المتعلم بعد مروره بخبرات تعليميّة”.
وهنا فإنّ مجموعة من الأسئلة تطرح نفسها:
هل تعتمد الجامعات أسلوب التعليم الإلكتروني بشكل فعلي؟ وهل ستساهم بدورها في تطوير وتجويد التعليم ورفع مستوى التعليم العالي؟ هل ستساهم التّكنولوجيا الحديثة في الجامعات المحلية في سد الفجوة المعرفية واصطفاء النخب المتعلمة؟ وما مدى إمكانية الاساتذة الجامعيين التدريس في ظل نظام تكنولوجيا التعليم؟ وهل ستقوم الجامعات المحلية بمواكبة التغييرات التي دخلت مجال التعليم العالي؟
وللإجابة عن الأسئلة السابقة يمكن القول، إن التعليم الإلكتروني يحقيق الجودة المطلوبة في التحصيل العلميّ من خلال انجاح العملية التعليميّة والابتعاد عن طرق التعليم التقليلدية بتامين بيئة تكنولوجية متكاملة في الصروح الاكاديمية، وهذا يتوقف على مسألة تمويل التعليم لدى مؤسسات التعليم العالي.
كما أن التّكنولوجيا التعليميّة عززت من دور الجامعات في اصطفاء النخب التربوية باعتمادها على الاختبارات الإلكترونية في عملية التقييم التربوي، كما انها تسعى الى تطوير محتوى المادة التعليميّة بحث الاساتذة على تطبيق نظام التعليم الإلكتروني.
إضافة إلى ذلك فإن تدريب الاساتذة على استخدام التكنولوجيا التعليمية امر ضروري جدا لتسهيل عملية التواصل بينهم وبين طلابهم كما انها عزّزت من المشاركة الصفية، فالتّكنولوجيا نجحت في مساعدة الطلاب في اكتساب للعلم وبناء مجتمع المعرفة.
و إن استخدام الوسائل والتطبيقات التكنولوجية في التعليم ساهمت باكتساب مهارات جديدة لدى المدرسين الجامعيين وببلورة البحث العلميّ، فانها قامت بتفعيل العمل بالمكتبة الرقمية عبر محركات البحث المرتبطة بشبكة الانترنت مما سهل الى حد كبير عملية التعلم والتعليم لدى الاساتذة والطلاب على حد سواء.
وهنا لابدّ من عرض بعض الاقتراحات ذات العلاقة مثل، تطبيق استراتيجيات التعليم الحديثة للمناهج الدراسية في مؤسسات التعليم العالي للحد من الأسلوب التلقيني التقليدي، وضبط استخدام التكنولوجيا في الصروح الجامعية بما يخدم عمليتيّ التّعليم والّتعلم لتحقيق أهداف التّعليم الّنشط بأسلوب تعاوني وجماعي، بالاضافة إلى سعي كل الجامعات إلى تأمين بيئة تكنولوجيّة متكاملة من أجهزة كمبيوتر وخطوط انترنت لتسهّل من مهام الأساتذة الجامعيّن العاملين لديها، وتمكّن الطلاب من القيام بالأبحاث العلميّة ومتابعة التحصيل الدراسي، مع ضرورة فرض رقابة أكاديمية إدارية من قبل وزارة التربية والتعليم العالي ومن قبل كل المؤسسات الجامعية الخاصة لأداء الاساتذة الجامعيين العاملين لديها وتشجيعهم لاستخدام التكنولوجيا في المواد والمناهج الدراسية، وتدريبهم بشكل دوريّ على كل ماهو جديد من تطبيقات أو برامج تكنولوجية لسد الثغرات والسعي إلى التطوير المستمر لما لها من دور فعال في تجويد التعليم وتخريج أفرادعلى درجة من الثقافة والعلم.
لقد بات من اللازم أن يكون التعليم العالي في الجامعات على درجة من الرقيّ والحداثة والقدرة على منافسة الجامعات العربية والعالمية، من خلال تطبيق استراتيجيات وطرق حديثة في التعليم وأن التكنولوجيا ما وجدت الا لتوسيع مجتمع المعرفة ولتبادل الخبرات وتسهيل الحصول على المعلومات بجودة ودقة عالية من خلال التطبيقات الإلكترونية، فهي تعمل على اتباع الإسلوب النشط والتعاوني في المناهج الدراسية والإبتعاد عن التلقين والتنظير والتركيز على استخدام الكادر التعليمي الجامعي للتكنولوجيا في العملية التعليمية بغية الوصول الى مستوى علمي ذات جودة عالية ينهض بالمجتمع وبالوطن.