المناهج التعليمية و مخرجاتها و مقتضيات هذا العصر
|المناهج_التعليمية و مخرجاتها و مقتضيات هذا العصر
Rofiada el Habli إعداد
التربية عملية تنشئة_اجتماعية، لها وظائف وأهداف بالنسبة للفرد والمجتمـع ،فهـي تهـدف إلى بناء الفرد بناء شاملاً متكاملاً عن طريق تنمية طاقاته وقدراتـه الجسـمية والعقليـة والإدراكيـة والروحية وكذلك تعمل في ذات الوقت عـلى المحافظـة عـلى تـراث المجتمـع ومثلـه وتقاليـده وحل مشكلاته وتحقيق طموحاته.
والتربية وظيفة قامت بها عدة مؤسسات_اجتماعية ، ولكل ٍّ منها وسائلها الخاصة بهـا في تحقيـق أهدافها ، والمدرسة باعتبارها إحدى هذه المؤسسات بل هي المؤسسة الأكثر تأثيرا ً في الأفراد بعـد الأسرة، اتخذت لها وسيلة تعمل من خلالها على تحقيق أهدافها ووظائفها التربوية وهذه الوسـيلة هي: المنهج_الدراسي ، فهو الوسيلة التي يتخذها المجتمع لنقل ثقافتـه وتراثـه .
ولقـد زاد الاهـتمام بالمنهج الدراسي نتيجة التطورات العلميـة والتكنولوجيـة المتسـارعة وذلـك لأن نهضـة الأمـة محكومة بنوعية المناهج التي تشكل أبناءها وتعدهم للمستقبل الذي يعتمد على المعرفة العلميـة المتقدمة .
تعددت تعريفات المنهج نظرا لعوامل مختلفة، كاختلاف وجهات النظر التي ينظر إليها كل متخصص، وكذلك التطور الذي شمل جميع ميادين الحياة الإنسانية سواء في مجال التربية أو الحياة العلمية والإجتماعية ومتغيرات العصر .وتميل أغلب كتب المناهج المتداولة إلى حصر تعريفات المنهج في قسمين (المفهوم القديم والمفهوم الحديث) .
المنهج وفق المفهوم_التقليدي(القديم)
• مجموعة المواد أو المقررات الدراسية التي على الطالب أن يدرسها في حجرة الدراسة بمعونة المدرس.
( الشافعي وآخرون،1416، ص26).
• مجموعة المواد الدراسية التي يدرسها التلاميذ ،والمتضمن عددا من موضوعات المقررات الدراسية (المكاوي، 1427، ص11).
• مجموعة المعلومات والمعارف التي تسعى المدرسة لإكسابها الطلاب، وتوضع في شكل مقررات دراسية متخصصة.( الهادي، 1433، ص28).
من خلال التعريفات السابقة اقتصر المنهج على المواد والمعارف والمحتوى، وأن على الطالب تلقيها في المدرسة من قبل المعلم الذي يعتبر المصدر الوحيد للمعرفة .
المنهج وفق المفهوم_الحديث (المعاصر)
• المنهج هو مجموعة الأنشطة التي يقوم بها الطالب في المدرسة وخارجها ، وتكسبه خبرات تحقق أهدافا مرسومة في سبيل نموه ونمو مجتمعه.(الصفدي، 1430، ص،57).
• جميع ماتقدمه المدرسة إلى تلاميذها تحقيقا لرسالتها الكبرى في بناء البشر ووفق أهداف تربوية محددة وخطة علمية سليمة، بما يساعد على تحقيق نموهم الشامل جسميا وعقليا ونفسيا واجتماعيا وروحيا.(سرحان،1988، ص12).
• المنهج هو جميع الخبرات المخططة التي تقدمها المدرسة لمساعدة التلاميذ على تحصيل مخرجات تعليمية محددة بأقصى ماتمكنهم قدراتهم.(هندي، وآخرون، 1999، ص17).
• ومن خلال التعريفات السابقة يتضح تغير النظرة إلى المنهج، وان المدرسة بجميع مرافقها تحقق الرسالة الكبرى للمجتمع في بناء النمو الشامل للمتعلم من جميع النواحي (المعرفي والمهاري والوجداني..) وليس الجانب العلمي أو المعرفي فقط.
اما اليوم فالسؤال الذي يطرح نفسه: الى اي مدى تتوافق مخرجات مناهجنا التعليمية مع احتياجات هذا العصر ؟
نحن نعلم جيداً أن مستقبل لبنان مرتبط بالإنسان الذي هو ثروتنا الحقيقية ، الذي يرتبط مستقبله أيضا بالنهضة التعليمية والثقافية والفكرية ، فنحن لا نريد جيلاً يقرأ ويكتب فقط ، بل نريد جيلاً يخترع ويبتكر ويبدع ، وصدق أحد الرواد حين قال : زرنا بعض المدارس فوجدنا نظاماً وانضباطاً ، ولم نجد علماً ولا تربية ولا قيماً ، نصاب بصدمة تربوية قاتلة بسبب ركاكة وهشاشة المعلومات،وضعف وتدني المستويات.
أيّ مناهج نريد ؟ الثابت بالفعل أن العقل الحديث يحتاج إلى مناهج ذات آفاق علمية وعقلانية تشكل وعياً حراً تلبي متطلبات الألفية ، مناهج بمضامين أشمل، مناهج نعتز بها فعلاً وتنحاز الى الانسان والعقل ،مناهج بلا تسطيح ثقافي.
يجب أن تخرج مناهجنا الدراسية من النمطية التقليدية ، وتتجه نحو تنوع محتوى المهارات والقيم، وتتعلق بمخرجات الجيل الفكرية التي تأخذ بعين الاعتبار مختلف التغييرات الحاصلة، وتساهم في بناء نفوس تحترمُ بعضها بعضاً وتُحبّ بعضها وان اختلفت وجهات نظرها.
إننا بحاجة إلى مناهج دراسية تحقق الأهداف التي تقودنا إلى تعزيز تطوير_التعليم الذي يقتضي تطبيق أساليب التعليم الجيد، وإحساس الطلبة بالمسؤولية ، وتنمية روح الابتكار لديهم ، وتمكينهم من حل المشكلات ، وهذا يتطلب بذل جهود كبيرة ل تدريب و تأهيل_المعلمين الذين يجب أن يتصفوا بالحماسة ، والكفاءة العالية ، والقيم الراقية .
وكذلك فان المناهج الجديدة يجب أن تضع سياسات تؤسس لثقافة جديدة تدعم التعليم المهني بما يضمن الاستفادة من طاقات الشباب في بناء الوطن ، والتركيز على نوعية التعليم لإكساب الطلبة مهارات اقتصاد المعرفة التي تشمل القدرة على التكيف مع ظروف الحياة المختلفة والمعقدة ، واكتساب مهارات العمل ضمن فريق ، والقدرة على التفكير الناقد ، والإصرار والتفاؤل.
وأخيرا وان أطلت ، فإن الإصلاح المرجو في المناهج الدراسية هو تجويد التعليم لضمان تنشئة المزيد من المواهب ، وهذا يقتضي مشاركة جميع المؤسسات الاجتماعية ، كما يقتضي العمل بروح عالية من المسؤولية حتى يتسنى للطلبة النمو بطريقة شاملة ، فمسؤولية التعليم لا تقف عند وزارة التربية والتعليم فحسب بل للدولة بكافة مؤسساتها .