عوائق في الدرب التعليمي
نغم شلق
يواجه الطالب اليوم في المراحل الدراسية المختلفة العديد من الصعوبات التي تحول دون تقدمه، وسرعان ما يصبح التعلّم بمثابة عبء عليه بدلاً من أن يكون غاية يسهل الوصول إليها بغية تحقيق الذات واكتساب ما يجب اكتسابه في إطار تنمية المهارات الأكاديمية والمهنية. سنتطرق إلى تناول بعض من هذه العوائق التي من شأنها أن تغيّر المجرى التعليمي عن مساره السليم لدى الطالب وتمنعه من الاستمرار في قطاف ثمار النجاح.
ارتفاع الأقساط عبء لا يزول:
مع بداية كل عامٍ دراسي تعلو صرخات الأهالي مطالبةً برفض زيادة الاقساط المدرسية في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وبين حجة رفع الكفاءة التعليمية وعدم رغبة الأهل في اعتماد المدارس الرسمية يقع الطالب ضحية لا يمكنها سوى الرضوخ لهذا الواقع .
عند البحث في أسباب الزيادة غالباً ما نجد الدوافع ذاتها المتمثلة بالرغبة في رفع المستوى التعليمي وتأمين احتياجات الطالب والمعلم على حدٍ سواء، وقد نجد بعضًا من المبررات المقعنة خصوصاً في المدارس التي بدأت تعتمد مناهج تعليمية الكترونية رفيعة المستوى حيث لجأت للاستفادة من التطور التكنولوجي والاستغناء عن المناهج النظرية في الإطار التعليمي. ولكن هذه المعاناة ليس حكراً على المرحلة المتوسطة أو الثانوية فقط فالطلاب الجامعات الحصّة الأكبر منها، فلا يكفي الطالب الضغوط الحياتية التي يتعرض لها وإصراره على مزاولة الأعمال المختلفة بغية تأمين قسطه الجامعي وما يعرف بمصروفه الشخصي لتأتي زيادة الاقساط بمثابة الضربة القاضية القادرة على إنهاء حلم مئات الطلاب في إكمال مسيرة التعلم ضمن إطار جامعاتهم. فعندما يتحول القطاع التعليمي إلى قطاع تجاري لا يبغي سوى الربح سينعكس الأمر تلقائياً على قدرة الشباب في تحقيق طموحاتهم. وفي المقابل إنَّ العمل على تقديم المنح الجامعية واعتماد أسعار مناسبة للوحدة الأكاديمية الى جانب التحسين من قدرة الجامعة اللبنانية على استيعاب المزيد من الطلاب عوامل من شأنها التخفيف من حدة زمة ارتفاع الأقساط وخلق فسحة أمل في دروب الطلبة.
اللغة الانكليزية مفتاح النجاح:
من أولى متطلبات سوق العمل هي اللغة الانكليزية، مما يدفع الطالب الى الانضمام للعديد من الدورات التعليمية لكسب هذه اللغة قولاً وكتابةً بهدف الحد من الصعوبة التي يواجهها في السنة الجامعية الاولى، كما أنّ هذه الصعوبة قد تنشأ بفعل ضعف مقومات البيئة المدرسية التي من شأنها حث الطالب على ضرورة تعلم اللغة الانكليزية، ومن جانب آخر قد يقع الخطأ في الطريقة التعليمية المتبعة خاصةً أنّها لغة جديدة لم تتناولها المناهج التعليمية في السنوات الدراسية الاولى، وعملية طرحها بطريقة غير مناسبة للاكتساب قد تزيد من رغبة الطالب بعدم تعلمها وصعوبة فهمها.
نجد هناك نوع من التساهل من قبل الهيئة التعليمية كما من الأهالي وبالتالي الطلاب في إطارضرورة إتقان اللغة نظراً لعدم إدخالها في امتحانات الشهادة الرسمية ، وما نرصده في أغلب المدارس من ظاهرة تتمثل في اتخاذ ساعة التعليم الانكليزي للهو واللعب وعدم الاكتراث لقيمتها وذلك بفعل ضعف الارشاد والتنبيه لمساوئ عدم اكتسابها والانعكاسات السلبية المترتبة على سوق العمل، وبالمقابل السهولة التي من الممكن أن توفرها عند التقدم لطلب العمل على الصعيد المحلي والدولي.
الإختصاص… حلمٌ ضائع:
لكلّ منا حلمٌ يراوده منذ الطفولة ويبغى تحقيقه بطريقة أو بأخرى، ولكن عندما نصل الى اللحظة الحاسمة لاختيار اختصاصنا الجامعي الذي لطالما بنينا من أجله طموحات وآمال سرعان ما نصطدم بواقع مخالف لما خططنا له، تبدأ أفكارنا بالتخبط بين نصائح الأهل والأصدقاء وحتى أساتذتنا الى جانب العديد من العوامل الأخرى المؤثرة في قراراتنا.
في الغالب تقودنا عواطفنا الى الامتثال لآراء المقربين منا، عندها تتحول غايتنا الى تحقيق أحلام قد رسمت من قِبلهم والانصياع نحو رغبتهم في اختيار اختصاصات قد تسمى بالتقليدية بفعل التطور والتقدم بالزمن والتنوع الذي يشمل القطاع التعليمي، كالمحاماة والطب والهندسة. تلك الثلاثية المتجذرة في عقول الآباء والأمهات، فالغوص في دراسة ما لا نبتغيه يدفعنا الى الفشل المحتّم لا محال، “فإن لم تفعل ما تحب لن تحب ما تفعل” ولعل أهم اسرار النجاح المهني هو الشغف والمتعة تجاه ما نقدمه من أعمال.
أما اليوم للأسف هناك غياب شبه تام لمؤسسات متخصصة باعداد دراسات حول حاجات سوق العمل وبالتالي هناك غياب لعملية توجيه وإرشاد الطالب نحو الاختصاصات الحديثة أو المطلوبة. التي من شأنها أن تساعده على نيل وظيفة مناسبة بفترة وجيزة فارتفاع عدد المنتسبين الى اختصاص واحد يؤدي بالتالي الى الارتفاع في حدة المنافسة والبطالة.