كلمة الإعلامية (ناهد التن) عريفة المؤتمر الدولي المدمج : تحديّات التربية على المواطنيّة في العصر الرقميّ في ظلّ الأزمات والعولمة
|كلمة الإعلامية (ناهد التن) عريفة المؤتمر الدولي المدمج : تحديّات التربية على المواطنيّة في العصر الرقميّ في ظلّ الأزمات والعولمة
ضمن المؤتمر الدولي المدمج :
” تحديّات التربية على المواطنيّة في العصر الرقميّ في ظلّ الأزمات والعولمة “
الذي نظم من قبل الجمعية اللبنانية للتجديد التربوي والثقافي الخيرية برئاسة السيدة ريما يونس بالشراكة مع كلية التربية في الجامعة اللبنانية والجامعة الإسلامية في لبنان والمعهد اللبناني لإعداد المربِّين في جامعة القديس يوسف وبالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية والسفارة الفرنسية ( قسم التعاون الثقافي ) والمعهد الفرنسي للتربية التقويمية في فرنسا والمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع وجامعة استانبول ايدين في تركيا – قسم علم الاجتماع وجمعية ديان ومركز تنمية الموارد البشرية للدراسات والأبحاث في برلين والمنتدى العالمي للأديان والإنسانية وجمعية النور للتربية والتعليم وجمعية بلادي والمنتدى العربي لدراسات المرأة والتدريب والأكاديمية المصرية للتربية الخاصة
لبنان ـ الحدث ـ مدينة رفيق الحريري الجامعية
كلمة الإعلامية ناهد التن عريفة المؤتمر:
يشكل مبدأ المواطنة حجر الزاوية في بناء الدولة الحديثة، ويعد تطبيق هذا المبدأ أساس عملية الاندماج الوطني، لما له من تأثيرات عميقة في الوحدة الوطنية، وفي عملية التنمية والتطوير من جهة، وانعكاسات إيجابية على أساليب المواجهة للتحديات الخارجية من جهة أخرى.
ارتبط هذا المبدأ بعدد من المفاهيم الهامة في أي دولة في العالم، مثل المساواة، المشاركة، الحقوق، الواجبات، التعددية، الديمقراطية، واخيرا وليس آخرا :الحرية.
تعددت الرؤى حول مفهوم المواطنة ومضامينها، فثمة من رأى أنها المساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد، وثمة من قال إن المواطنة رديف للديمقراطية في بناء المجتمع السليم.
لكن، وعلى الرغم من صعوبة تعريف مبدأ المواطنة، فإن ثمة تعريفات اصطلاحية للمواطنة تحاول أن تضعها في الإطار الصحيح على الصعيد القانوني والدستوري والاجتماعي،.على سبيل المثال، تشير دائرة المعارف البريطانية إلى أن المواطنة “هي علاقة فرد بدولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة”.بناء على ذلك، تبرز “المواطنة” كظاهرة مركبة حول محور واحد هو الفرد، من حيث هو عضو مشارك في الجماعة الوطنية، خاضع لنظام محدد من الحقوق والواجبات. تعــني هذه الظاهرة إعطــاء الفرد/المواطــن الشرعي القانونــي الــذي ولــد فــي بلــد مــا واكتســب جنســيته الحــق فــي االاســتفادة مــن مــا ترتبّــه عضويــة ذلك البلــد لمواطنيهــا مــن امتيــازات وحقــوق.
لكن هذا المفهوم المركب اكتسب ، منذ نشأته ، أبعادا مختلفة تطورت كثيرا عبر العصور:اولى هذه الابعاد هو البعد السياسي-القانوني الذي صدّره الاغريق للعالم كالحق في المشاركة السياسية والانضمام إلى تنظيمات سياسية مشروعة .اشاروا بهذا البعد ايضا إلــى الحقــوق الــي تكفلهــا الدولــة لمــن يحمــل جنســيتها، والالتزامــات الــي تفرضهــا عليــه، ما يعزز عند الفرد الشعور بالانتماء المتمثل بالاخلاص والوفاء لوطنه، مجتمعه ومؤسساته. من هذا المنظور، ينبري مفهوم المواطنة كنظام حقوق وواجبات في الوقت ذاته: حقوق المواطن وواجباته للدولة، وحقوق الدولة وواجباتها للمواطنين؛ فحقوق المواطنين هي واجبات على الدولة، وحقوق الدولة هي واجبات على المواطنين.
أما البعد الثاني للمواطنة فهو حتما اقتصــادي -اجتماعــي، يُقصــد به المصلحــة والغايــة المشتــركة بــين مواطـنـي الدولــة، بمــا ّ يحقــق التعــاون والتكامــل والعمــل الجماعــي المشـتـرك.يعزز هذا البعد اقامة التوازن بين الاستهلاك والإنتاج على أساس علمي ومنهجي مدروس، إضافة إلى توزيع الثروة العامة توزيعاً عادلاً ومتقارباً.
في القرن الحالي، عــصر المعلومــات ، العولمــة والاتصالات، أصبــح العالــم قريـة الكرتونيـة صغـيرة، مما اتاح للأفــراد ســهولة وإمكانيــة الاتصـال بالعالـم كلـه بدقائق معدودة.. هذا التطور الهائل أسفر، عـن ظهــور مفهــوم”المواطــن العالمــي” الــذي يشــارك العالــم بآرائــه وأفــكاره. هو مفهوم يعبر عن صور المواطنة التي تتخطى الدولة القومية إلى حيز أوسع، وذلك بالانتماء لكيانات جديدة، وتفضيلها على الانتماء القومي. وقد تأثر هذا النموذج العالمي للمواطنة بقوة بفكرة العولمة منذ ظهورها، خاصة وأن الاتحادات والتكتلات العالمية بدأت تزداد بشكل جعل هذا المفهوم حقيقة واقعة، مع الدعوة لعالم مفتوح الحدود ومترابط الاقتصادات، الثقافات والسياسات بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة.
وفي ما كان العالم يزداد ترابطاً، فإن انتهاكات حقوق الإنسان وأوجه عدم المساواة والفقر لا تزال تمثل تهديداً للسلام والاستدامة العالميين. من هنا اتت مؤخرا خطوة منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “الاونيسكو” الى العمل لتنفيذ ما سمي ب برنامج التعليم والتربية من أجل المواطنة العالمية. ويستند عمل الاونسكو، في هذا المجال، إلى ميثاقها التأسيسي ، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإطار العمل الخاص بالتعليم حتى عام 2030، وخاصةً المقصد 4،7 من خطة التنمية المستدامة.
يعدّ برنامج التعليم والتربية من أجل المواطنة العالمية هذا مجالاً استراتيجياً لقطاع التربية في منظمة الاونيسكو،اذ يشمل رفع الوعي بشأن التعليم والتربية من أجل المواطنة العالمية، الترويج لتنفيذه، وإعداد أدوات إرشادية تساهم في تحقيقه. يرمي هذا البرنامج إلى ترسيخ القيم والسلوكيات الداعمة للمواطنة العالمية المسؤولة لدى المتعلّمين، وهي: الإبداع، الابتكار ،الالتزام بالسلام والتنمية المستدامة.
شغف بالمواطنة وايمان ببرنامج الاونيسكو دفعا بالصديقة والزميلة الاستاذة ريما يونس، رئيسة الجمعية اللبنانية للتجديد التربوي والثقافي الخيرية ، لاطلاق فكرة مؤتمر دولي يهدف الى البحث في تحديات التربية على المواطنة في عصر الرقمنة والعولمة. ها هي الفكرة تصبح واقعا ملموسا ،وها نحن اليوم نجتمع ،من بلدان مختلفة، لنطرح على بساط البحث السياسات والبرامج لنقل المواطنية من حيز النظرية الى حيز التطبيق والممارسة اليومية ، عبورا الى الدولة المدنية الحديثة، دولة القانون والمؤسسات. نطرح ايضا مفهوم انسنة التكنولوجيا من خلال اعداد مدونة اخلاقية رقمية توفر العبور الى المواطنة الشمولية.