مبادرات فردية

رنيم إيعالي

لا يخلو بلد مهما كثرت المشاكل فيه، من شباب واع ٍ مهتم بظروف بلده سواءً كانت تعنيه شخصيًا أم تطال غيره ممن نسيه الزمن وقاسته ظروف الحياة، ولعل أهم الأمثلة عن تلك البلدان هو لبنان حيث تعاني مدينة طرابلس من نسبة فقر مدقعة يصعب فيها على الفقير أن يجد يد العون تمتد إليه إلا إذا جمعه القدر بمن لديهم حس الإنسانية والمسؤولية تجاه من كان الفقر مرافقهم كظلهم.

هنا تطرح أوراق تربوية موضوع المبادرات الفردية في بلد أنهكته ظروف الحياة، وتغاضي المسؤولين عمن لا حول لهم ولا قوة، ما الذي يدفع هؤلاء الشباب للقيام بتلك الأعمال أو

محمد أحمد

الانتساب إلى جمعيات تعنى بتلك الحالات، وما هو واقع هذه التجارب ومستقبلها ؟

يقول محمد أحمد تلميذ هندسة في السنة الرابعة، أنه يطمح للإسهام في تغيير مجتمعه فهو يخشى في يوم ما أن يصيبه ما أصاب فقراء بلده في هذا الزمن، ويتمنى إن أصابه ذلك أن يجد يد العون تمتد له كما يفعل هو الآن مع رفاقه في جمعية أسموها نبضة أمل.

ومن جهة أخرى، يبيّن الطالب وائل زين العابدين أن للعمل التطوعي أثار مهمة على شخصية الفرد، فمن ناحية يقوّي شخصيته ويساعده على التكيف مع الناس من حوله سواء أكانوا من أصحابه أو من عائلته أو من محيطه.

وتزيد الطالبة فاطمة فاكهاني بأن العمل التطوعي يهذب النفس ويجعلنا نشعر بمعانات الآخرين والتعاون يدًا بيد لمساعدة من يمكن مساعدته.

فاطمة فاكهاني

أما عن رأيهم بالجمعيات الموجودة في البلد إن كانت ذات دور فعال في تلبية الحد الأدنى من الحقوق للمحتاجين، فقد أبدى محمد أحمد أسفه حيال الجمعيات في هذا اليوم حيث أصبح همها تنافسيًا ولم يعد كسابق عهده وقت كانت الجمعيات تسعى لتغيير وضع الناس، بينما نجدها الآن تتجه للمنفعة الشخصية من وراء ذلك خصوصًا مع وصول التمويل من دول وسفارات خارجية.

ويؤكد وائل زين العابدين أن ذلك التنافس بين الجمعيات ليس تنافسًا بنّاءً ويعتمد على الإعلام أكثر من اعتماده على المساعدة التي يجب أن تكون جُلَّ اهتمامهم والسبب الرئيسي لوجود

مثل تلك الجمعيات.

وتشير فاطمة فاكهاني إلى أن لكل جمعية أهدافها الشخصية ولم تعد خيرية بمضمونها، وكل واحدة منها تنافس الأخرى لكسب الصيت والشهرة.

وعن رأيهم بالإعلام الموجود ودوره في تسليط الضوء على تلك المساعدات، يقول محمد أحمد: ” إنّ الإعلام يغطي عدة جوانب لكن الرسالة لا تصل كما نريدها وهنا يقع سوء الفهم حيث

وائل زين

أننا لسنا بحاجة ممول فقط بل بحاجة لتوعية العالم أن مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان هدف سامٍ.

في حين يقول وائل و أماني : ” إن الإعلام يجب أن يكون بتسليط الضوء والمساعدة لكن دوره في المجتمع اللبناني لا يأخذه حقه كاملًا، كما أنه في أغلبه منحازٌ لجمعيات دون أخرى قد يكون تمويلها أكبر من غيرها أو أنها محسوبة على طرف سياسي له وزنه.

أخبراً ما هي النظرة للعمل التطوعي ، يقول محمد أحمد ” إن العمل التطوعي مفيد على الصعيد الشخصي أولًا فهو يحسن المهارات ويقوي الشخصية والعلاقات الاجتماعية، ودعا كل من وائل وأماني الشباب الموجود في البلد الانتساب إلى جمعيات هدفها المساعدة لا الشهرة أو المال، وأن أي إنسان لديه وقت فراغ بسيط يمكنه أن يستغله في مثل تلك المبادرات فالتجارة مع الله دائمًا رابحة.

من الجميل أن نجد شبابًا واعيًا، متحمسًا رغم كل المشاكل الموجودة في البلد، شباب ابتعدوا عن الأنانية والانشغال بنفسهم، وأفسحوا المجال لإنسانيتهم لتتغلبت على تلك الظروف.

لكن يبقى السؤال مطروحًا هل تكفي تلك المبادرات الشبابية الفردية من غير داعم لها ومن دون الاصطفاف مع طرف سياسي أو مصلحة شخصية، وإذا كانت الجمعيات تقوم بدورها كما تقول لماذا لا نزال نشهد حالات لا تعد ولاتحصى من الفقراء والمشردين والعاجزين عن تأمين لقمة عيشهم. من المسؤول وما هو السبب ؟؟؟