المراهقة طفولة راشدة:
المراهقة هي مرحلة تقلبات وتغيرات فيزيولوجية لابد من عبورها عند الفتيان والفتيات، وهي فترة انتقالية يشعر بها المراهق وتؤثر تأثيرا مباشرا على سلوكه ويطرح اسئلة كثيرة تصب في خانة البحث عن الذات، فيحاول تحقيقها وفرضها بهدف لفت النظر الى الشخصية الخاصة التي يسعى لبنائها والتي غالبا ما تكون معارضة، كما يسعى الى الاستقلالية للتخلص من احساسه بالطفولة، كأن يلجأ الى الشرود بأحلامه ويغلق بالمفاتيح على اشيائه الخاصة يحلم بأن يجد نفسه في عالم واسع مليء بالاصدقاء بعيداً متحرراً من تبعيته لعائلته ومدرسته ومجتمعه، وجلّ ما يثيره في هذه المرحلة اهتمامه بمظهره الخارجي واللامبالاة القصديّة وحب الذات المبالغ فيه.
من المعروف أن مرحلة المراهقة تتميز بالتمرد والقلق والصراع والغضب الممزوج بالاحساس المرهف، فنراه يثور على اتفه الاسباب أو نتيجة لتعامل الآخرين معه، لذلك يتعرض المراهق احياناً الى مشاكل نفسية تترافق مع حالات اليأس والحزن التي ممكن أن تؤدي الى انحراف سلوكه واخلاقه ما لم يتمكن ذووه من تفهم طبيعة تلك التغيرات وتفسيرها والتعاطي معها بشكل ايجابي.
إن تخطي هذه المرحلة بشكل سليم يتطلب الوعي الكافي والتوازن في التعامل مع المراهق، فيفترض من الاهل والمربين اتباع بعض الاساليب التي لها اثر ايجابي للتخفيف من الانعكاسات السلبية على حياة المراهق الاجتماعية والنفسية، ومن ابرزها: تربية الثقة بالنفس فيستطيع التفريق بين الخطأ والصواب، التواصل الجيد المقرون بالحوار والمناقشة اثناء طرح المشكلات لايجاد الحلول المناسبة لها بين الاهل والمراهق والابتعاد عن العنف الكلامي، استثمار اوقات الفراغ بالانشطة المختلفة وممارسة الهوايات التي يفضلها، الاقتناع باهمية التعلّم منذ الصغر فالعلم توسيع للمدارك وتأمين للمستقبل، التقليل من ممارسة الضغوط النفسية والحفاظ على العقلانية والهدوء مهما كانت الانفعالات الداخلية.
إن مرحلة المراهقة متغيّرة ومتقلّبة بين مراهق وآخر، لذلك يجب على المربين والاهل الاهتمام بتربية اطفالهم، وارشاد شبابهم، وزيادة توعيتهم. فإن احسنوا التعامل معها واحسنوا رعايتها، تكونت خلالها الشخصية القوية، وتحولت من مرحلة توتر واضطراب الى فترة انتاج وتحصيل.
من المعروف أن اولى مراحل التنشئة الاجتماعية للفرد تبدأ من الاسرة وتتألف من (الام و الاب، الاجداد)، حيث يقترن الطفل بوالديه في اولى مراحل حياته ثم ما يلبث ان ينتقل الى المجتمع الاكبر.
تعريف التربية المتناقضة:
وتعرف ايضاً بالتربية المزدوجة، وتعني الاختلاف في تربية الطفل سواء في بيئته الاسرية، مدرسته أو مجتمعه. اذ تحرص كل جهة على زرع التوجهات الخاصة بها وبالتالي يجد الطفل نفسه حائرا في الاختيار. فالانسان هو الوحيد من بين المخلوقات الذي يولد على الفطرة يقف عاجزا لا يستطيع العيش الا إذا اعتنت به اسرته وحافظت على بقائه واعداده لقادم الايام، وتعليمه مواجهة الحياة ومطاليبها.
خطر التربية المتناقضة على سلوك الطفل:
من المعروف ان الاجيال السابقة هي التي تعد الاجيال اللاحقة وهي بدورها تزودها بالخبرات والمهارات والمعلومات، ولها مفاهيمها وعاداتها التي تحرص على نقلها من الابناء الى الاحفاد، ولكل جيل نظريته واعتقاده الذي يؤمن بفعاليته في تربية الابناء تربية ناجحة تعطي الاستقرار والامان لهم. ولكن أفراد هذه الاسرة يعيشون في العصر الحالي حالة التخبط والضياع، فيجد أحدهم نفسه متخبطاً مشدوداً الى قيمه وعاداته التي تربى عليها في مجتمع ابائه، وبين القيم والعادات والتقاليد الجديدة، هذا الصراع هو -قديم حديث- يترافق مع تعاقب الاجيال.
هذا التناقض في التربية قد يؤدي الى تأجيج الخلافات داخل الاسرة مما يؤثر سلبا على ادائهم التربوي، خاصةً في عملية توجيه سلوك الطفل. فيصبح انطوائياً على نفسه، عدائياً مع والديه، قاسيا،ً كثير الشّجار
مع اخوته يرفض اللعب معهم او التحدث اليهم، ويجعل منه مضطرباً سلوكياً لا يستطيع التمييز بين الخطأ والصواب في المستقبل واقل تحملاً للمسؤولية. والآن مع التطور التكنولوجي وشيوع الالعاب الالكترونية وتنوعها، سنجد الاطفال الذين يعانون من مشكلات اسرية اكثر تأثراً ومتابعةً لمواقع التواصل الاجتماعي ومشاهيره واكثر تقليداً لهم، وبالتالي اكثر ابتعاداً عن توجيهات الأهل. لذلك قال حكماء العرب:” ربوا أولادكم على غير اخلاقكم، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم”.
حل سحري نحو تربية سليمة:
إن الطفل الذي يعيش في أسرة تنعم بالاستقرار الاجتماعي والنفسي والعاطفي، هي أسرة داعمة لابنائها في شتى المجالات، فأطفال اليوم هم شباب الغد، وأمل الأمة وقوّتها. لذلك إن تغليب لغة الحوار الايجابي على النقاش الحاد والجدل حت

ى امام الاطفال، والتربية السليمة تكون من خلال الاتفاق بين الابوين والاجداد على طريقة موحّدة في التعاطي والنصح للطفل تجنبا لردات فعل سلبية.
إن موضوع تربية الطفل متشعّب وواسع ومحطّ جدل للعديد من الاساتذة والمربين، وهنا لابد من طرح التساؤل على الشكل التالي: هل يستطيع الآباء والأجداد، الاتفاق على تربية الطفل تربية صحيحة تعطي نتائج مثمرة، أم أن هذا الاختلاف سبيقى متجذّراً وباق من جيل الى جيل؟