Month: April 2018

.التدريب في لبنان تعتريه الفوضى غير المنظمة-ابراهيم جواد

 

التدريب في لبنان تعتريه الفوضى غير المنظمة.

“مهنة من لا مهنة له”

ابراهيم جواد

تقوم الورشات التدريبية على مجموعة من الأسس العلمية، والمعايير المحددة لكي نستطيع أن نطلق عليها مسمى التدريب، مثل إكتساب المعرفة والحصول على مهارة معينة بالإضافة إلى الكثير من الشروط التي يجب توافرها في كل ورشة تدريبية. بدايةً من التخطيط والتنظيم للورشة ومايتخللها، وإنتهاءً بالتقييم والمتابعة بالإضافة إلى الأساليب التدريبية  التي يجب على المدرب إتباعها،  ولكن إلى أي مدى تقوم الورشات التدريبية في لبنان بتطبيق تلك المعايير لتحقيق الأهداف المنشودة في ظل الإنتقادات الواسعة التي طالت كل المراكز التدريبية وكان الإتهام الرئيسي هو سعيهم لتحقيق مرابح مادية و تحوّلها إلى  طرق إحتيال جديدة ومعاصرة، والبعض الآخر يصف المدربين بقلة الكفاءة وانعدام المعرفة. كل هذه المواضيع يتحث عنها رئيس أكاديمية الأمين المدرب “أحمد الأمين”، والمدرب في مجال الإدارة والقيادة “حسن يوسف” .

في ظل الإنتشار الهائل للدورات التدريبية في لبنان عموماً، وفي طرابلس خصوصاً، والحال التي وصلت إليه يحدثنا “أحمد الأمين” عن بدايات التدريب في الشمال اللبناني.

التدريب كتنمية بشرية كان مفقوداً في شمال لبنان قبل العام 1990بعد ذلك العام بدأ بالظهور بشكل خجول حتى وصل  إلى ماهو عليه الآن.

 التنمية البشرية كانت عبارة عن ترجمة للكتب، ومحاولة تقليد مايقوم به المدرب الغربي، وحتى الترجمة كانت حرفية دون معرفة إذا كان يناسب المجتمع أم لا أو يَسد حاجة معينة.

 تعرضت تلك الحقبة من التدريب في الشمال اللبناني إلى إنتقادات واسعة بسبب عدم كفاءة المدربين من جهة، وعدم ملاءمتها للمجتمع ككل من جهة أخرى، وكان التدريب عبارة عن كيان مهزوز غير ثابت، وغير قادر على مواجهة ما يعتريه من انتقادات واسعة. ثم في عام 2000 بدأ مفهوم التنمية البشرية ينتشر بشكل أكبر ليتحول إلى استثمار مهم لبعض المراكز التدريبية وكذلك للمدربين.

الأستاذ أحمد الأمين

قسّم أحمد الأمين التدريب في لبنان إلى حقبتين أساسيتين، الحقبة الأولى بدأت عام 2003، تمتعت بإعتمادها على معايير مهمة حيث كانت دورة تدريب المدربين تمتد لعشرين يوما، ً وتعتمد خطة مدروسة بالإضافة إلى متابعة عملية لمدة سنة أو سنتين، وبمقارنتها مع الحقبة الحالية فقد أصبح التدريب مهنة من لامهنة له، فمن خلال دورة تدريب مدربين لثلاث أيام والحصول على ” كرتونة” على حد تعبير الأمين، تتحول من مُتَدَرِّبْ يستلم الكرتونة إلى مُدرب يُسَلّمْ الكراتين.

في حين يصف حسن يوسف التدريب الحالي في لبنان بالثقافة البدائية غير المتطورة، ولايدخل في عنصر التثقيف المؤسساتي، وبالتالي هذا ينعكس على التدريبات بشكل عام التي تقام، أما في الدول الأوربية على سبيل المثال فالمؤسسات لديها معايير واضحة ودقيقة للتخطيط والتنظيم للتدريبات السنوية.

ويأخذ التدريب في لبنان صفة الفوضى غير الممنهجة بشكل عام، حيث بإمكان أي إنسان عاطل عن العمل الدخول إلى سوق التدريب بشكل غير مدروس ومنافسة المدربين الأكفاء.

 

هل الدورة التدريبية نافعة أم مضّرة؟

 يجيب الأمين: الدورة التدريبية تضيف للشخص ثلاثة أمور وهي المعلومة (المحاضرة)، والمهارة (كيف أقوم بالفعل)، وتغيير سلوك(ناتج عن المهارة والمعلومة)، وكل دورة لاتحقق تلك الأهداف فهي دورة فاشلة، ولايمكن حتى إطلاق عليها مسمى التدريب.

 

مزايا التدريب

 عدّد “حسن يوسف” أربعة أمور يتميز بها التدريب وهي:

القيمة الفعلية للتدريب مقارنة بالتعليم: التدريب قادر على إيصال المعلومة، وتميلك المهارة بفترة زمنية قصيرة جداً مقارنة ببنرنامج أكاديمي طويل المدة وعالي التكلفة، مثل دورة

الأستاذ حسن يوسف

إدارة المشاريع التي تحتاج إلى ستة أيام فقط بكامل محاورها مقارنةً مع الجامعة فأنت تحتاج إلى مادة دراسية كاملة مدتها تصل إلى ثلاثة أشهر على الأقل.

الحداثة ومواكبة التطور: يقصد بها أن التدريب يتبع كل جديد وحديث، ويواكب التطورات العلمية الحديثة التي تحتاج إلى عشرات السنين لأن تدخل إلى المناهج الجامعية.

التدريب يسهم في حل المشكلات: فإذا كنت موظفاً في شركة معينة وواجهتك مشكلة مثل نقص مهارة في مجال معين فالتدريب أول من تلجأ إليه لسد هذا النقص.

إنشاء علاقات: وهي من الفوائد المخفية، حيث يقوم المتدربون بالتعارف على بعضهم البعض وانشاء شبكة علاقات شخصية ومهنية.

رغم الفوضى التدريبية التي انتشرت مؤخراً يبقى للتدريب أهمية كبرى في كونه يساعد المتدرب على امتلاك مهارة ليست لديه، ولكن كل شيئ في هذه الحياة أصبح يحتاج إلى تنظيم ويجب أن يخضع إلى ضوابط محددة حتى يتمتع بالمصداقية والشفافية والحرفية. فمن اليوم قادر في لبنان على جعل الدورات التدريبية تتحقق تلك الضوابط، وهل يتم ذلك عن طريق مؤسسات خاصّة، أم نحتاج إلى مؤسسات حكومية؟

ويبقى للموضوع تتمة ..

 

 

.العلاقة بين الأستاذ والتلميذ-ابراهيم جواد

العلاقة بين الأستاذ والتلميذ، إلى أين؟ كيف يجب أن تكون؟

علامات استفهام كثيرة تطرح إشكاليات… بعضها لايمكن الحديث عنها.              

ابراهيم جواد.           

لايمكننا التحدث عن المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها مجتمعاتنا في الوقت الحاضردون الأخذ في الاعتبار المدارس والنظم التعليمية في طليعة تلك المشاكل، كيف لا وهي التي تقوم على بناء جيل كامل، الجيل الذي ستكون على عاتقه مهمة النهوض بالمجتمع، فإذا مافسد هذا الجيل الذي سيتخرج من المدرسة لاحقاً فلابد من فساد المجتمع ككل. فالتلميذ اليوم أصبح يمضي وقتا في المدرسة أكثر من الوقت الذي يقضيه مع عائلته. وهنا ترتسم أمامنا العديد من الأطراف من بينها الأستاذ في المدرسة، فلابد إذاً من التطرق إلى العلاقة التي  تربط التلميذ بالاستاذ، وماأسباب سوء هذه العلاقة، والنتائج المترتبة على ذلك وكيف يجب أن تكون هذه العلاقة حتى لاتؤثر بشكل سلبي على شخصية التلميذ وتحصيله العلمي.

أسباب سوء العلاقة بين الأستاذ والتلميذ داخل المدرسة

لعل الأسباب كثيرة خاصة إن ماكان المجتمع يعاني مسبقاً من مشاكل إجتماعية وسياسية وإقتصادية التي تؤثر بدورها على شخصية الأستاذ، وكذلك على دور الأهل في التعاطي مع أبنائهم داخل محيط الأسرة، وبالتالي ستؤثر على التلميذ وعلى تحصيله العلمي بدون شك.

الأستاذ ميشيل قطرة

يرى الأستاذ ميشيل قطرة مدير مدرسة مار الياس في الميناء أن سبب تدهور العلاقة يمكن إرجاعه إلى كل من الأستاذ والتلميذ على حد سواء .فالأستاذ عندما يكون دائماً في مزاج سيء سيؤثرذلك على مجرى الدرس، والتلميذ الذي يرفض تقبل الأستاذ باستمرار يساعد بدوره بوجود خلل في العلاقة بين الطرفين.

وميّز “قطرة”  بين أعمار الطلاب فلكل عمرظروفه، فعلى سبيل المثال في عمر المراهقة يرى التلميذ نفسه فوق الجميع، ولايقبل أن يكون على خطأ ويرفض أن يقبل الأستاذ بأي طريقة، ومهمة الأستاذ هنا هي مساعدة التلميذ على تجاوز تلك المرحلة.

و بالنسبة لتدهور القيم الإنسانية في المجتمع فقد ربطها “قطرة” بشكل مباشر بإثارة المتاعب لكل من الأستاذ والتلميذ على حد سواء حيث أن أغلب المدراس تعاني من هذه المشكلة تحديداً.

واعتبر أن المناهج القديمة الغير محدثّة لها دور في تدهور العلاقة ووصفها بالغير مجدية وخاصة أن التكنولوجيا لم تدخل المناهج بعد.

أما الناظر في مدرسة مار الياس الأستاذ “فرنارد قطرميز” فأرجع الأسباب لسوء العلاقة بين التلميذ والأستاذ إلى قسمين: قسم اجتماعي له علاقة بتدني مستوى القيم لدى المجتمع ككل وقسم عائلي بسبب التربية وعدم تقبل التلميذ لفكرة أنّ هنالك شخص مسؤول عنه غير أمه وأبيه.

وفي حديث أجرته “أوراق تربوية”مع المشرفة التربوية في مدرسة المناهج/ في أبي سمراء الأستاذة “فاطمة الموعد” تحدثت فيه عن شخصية الأستاذ وتأثيرها على التلميذ بشكل سلبي، وصنفت الأستاذ بحسب صفاته إلى ست مستويات:

الأستاذ غير عادل: الذي يميزبين الطلاب على أساس اجتماعي، فيميز بين الغني والفقير وبين الذكي وقليل الذكاء.

الأستاذ المهمل الممل: فالأستاذ الممل هو الذي لايعتمد التجديد فيحافظ على طريقة واحدة للتدريس دون أن ينّوعع، وقالت أن هنالك أساتذة مازالوا يحتفظون بمسابقات منذ عشرين سنة ويستخدمونها إلى الآن.

والمعلم المهمل في كل شيء، في عدم تحضيره للدرس، وفي لباسه، والقائمة تطول.

الأستاذ ضعيف الشخصية: الذي لايثق بقدراته، وغير قادر على كسب إحترام الآخرين.

المعلم الطيب: الذي يضحك كثيرا ويمزح كثيراً فهذا خطأ، فالأستاذ ليس مطلوب منه أن يكون “جحا” في الصف وإنما أن يأخذ بمنهج الاعتدال بين المزاح والجد.

المعلم السابق: يحدث أحياناً أن يتعلق التلاميذ بأستاذ معين وحينما يفقدوه فإن بعضهم يرفض تقبل أي استاذ آخر لهذه المادة.

المعلم القاسي: الذي يتحدث بشكل سلبي عن التلاميذ ويستهزء بهم فيدفع بذلك بعضهم للجوء لأسلوب الغش.

نتائج تدهور العلاقة بين الأستاذ والتلميذ

تحصد العلاقة الجيدة بين الأستاذ والتلميذ نتائج مثمرة لكل من المدرسة، والأهل والمجتمع، ولكن ماذا إن كانت هذه العلاقة سلبية. فماهي النتائج التي سنحصل عليها؟ يجيب على هذا السؤال الاستاذ ميشيل قطرة ويقول: “إن من أسوأ هذه النتائج هي تشكيل حاجز بين المعلم والتلميذ يؤدي إلى رفض التلميذ كل مايصدر عن الأستاذ ليؤثر ذلك على التحصيل العلمي لدى التلميذ ومن ثم الفشل.

ويرى أن الادارة الناجحة هي التي تعمل على تتبع هذه المشاكل وحلها بشكل سريع.

وعلى حد تعبيره يجب ان تكون العلاقة مزيج بين المحبة والضوابط الاخلاقية فهنالك حواجز لايجب على الطالب تخطيها للمحافظةعلى احترام الاستاذ، ويُفترض  على الاستاذ أن يكون ودوداً. وهمّ المعلم الأول برأيه مساعدة الاهل في تربية التلاميذ قبل التعليم، فالتعليم يأتي في المرتبة الثانية، والتربية هي مشتركة بين الطرفين.

الأستاذة فاطمة الموعد

أما بالنسبة للأستاذة “فاطمة الموعد” فمن أسوأ النتائج هي التسرب المدرسي ومن الممكن أن تؤدي إلى تخلي التلميذ عن المدرسة بشكل كليّ.

أخيرا، من الضروري التأكيد على  الدور الذي تلعبه المدرسة في تشكيل شخصية الطالب وفي التأثير على أفكاره، فلابد من ثورة تطيح ب المناهج القديمة واستبدال المدارس الكلاسيكية بمدارس حديثة لإحداث تغيير جذري في المنظومة التعليمية، فالتعليم هو أساس نهوض المجتمعات ولابدّ لنا من ذكر مثال حي نعاصره الآن وهو رئيس وزراء سنغافورة السابق “لي كوان يو” الذي جعل من سنغافورة جنة آسيا، ومركزمالي مهم بعد أن كانت دولة تعج بالفساد، والفوضى، والقتل، والفقر، وكان السر في ذلك أنه عمل على بناء الإنسان وبدأ باصلاح المراكز التعليمية، ومنح المعلمين أعلى أجور في الدولة فكان الناتج المحلي للفرد في سنغافورة عام 1969 حوالي 500 دولار أما الآن فيبلغ الناتج المحلي للفرد 60 ألف دولار، والكثيرالكثيرمن الإنجازات حققتها هذه الدولة الصغيرة على سبيل المثال فقط لأنها بدأت بإصلاح التعليم وبناء الإنسان قبل بناء الحجر.

فقاعات تربوية: هدية-إيمان طوط

 

 

 

هدية.

إيمان طوط

في إحدى المدارس، حيث يستخدم المعلمون المسطرة أكثر مما يستخدمون ألسنتهم، معلم لم أره قطّ يضرب طفلاً، لا تفارق ابتسامته وجهه، يلقي الدعابات خلال الدرس لجذب انتباه الأطفال وإضحاكهم عوضاً عن شتمهم والصراخ عليهم..

قد لا تصدق أن طلابه الذين يتفاعلون معه بشكل رائع هم أنفسهم الذين يبحّ صوت معلمة اللغة الفرنسية في صفهم، وتحتاج معلمة الرياضيات أدوية للصداع يوميّاً بعد حصتهم..

كثيراً ما يدخل الناظر الصف، يجرّ ولداً أو اثنين من آذانهم إلى الخارج حيث ينالون عقابهم ثم يعودون إلى الفصل، لا يضرب الناظر الأولاد أمام رفاقهم حرصاً على مشاعرهم..

أراد أحد هؤلاء الطلاب يوماً أن يكرم معلّمه المبتسم ويعبّر له عن حبّه، فأهداه “مسطرة عريضة بتموّت وجع يا استاذ”..